«لا يكونُ آخرُ زاده أن تَتْبعوه بالنار» (2)
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
التناسُبَ الذي بين الاسم والمسمَّى كالتناسُب الذي بين العلَّة والمعلول، وإنما هو ترجيحٌ وأولويَّةٌ تقتضي اختصاصَ الاسم بمسمَّاه، وقد يتخلَّف عنه اقتضاؤها كثيرًا.
والمقصود أنَّ هذه المناسبة تنضمُّ إلى ما جعل الله في طبائع الناس وغرائزهم من النُّفرة من الاسم (1) القبيح المكروه، وكراهته، وتطيُّر أكثرهم به، وذلك يوجبُ عدمَ ملابسته ومجاوزته إلى غيره، فهذا أصلُ هذا الباب.
فصل وأمَّا كراهيةُ السلف أن يُتْبَعَ الميِّتُ بشيءٍ من النار، أو أن يُدْخَلَ القبرَ شيءٌ مَسَّته النار، وقولُ عائشة رضي الله عنها:
«لا يكونُ آخرُ زاده أن تَتْبعوه بالنار» (2)
؛ فيجوزُ أن يكون كراهتُهم لذلك مخافةَ الإحداث لما لم يكن في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فكيف وذلك مما يُنْتِجُ (3) الطِّيَرة به والظُّنونَ الرديَّة بالميت؟!
وقد قال غيرُ واحدٍ من السلف، منهم عبد الملك بن حبيب وغيره: إنما كرهوا ذلك تفاؤلًا بالنار في هذا المقام أن تَتْبعه (4).
وذكر ابنُ حبيب وغيره أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يصلي على جنازة، فجاءت امرأةٌ ومعها مِجْمَر، فما زال يصيحُ بها حتى توارت بآجام المدينة (5).