{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
النبوَّة والرسالة؛ إذ لا يُنالُ هذا العلمُ إلا من جهة الرسل، فكيف يقولون: ما أنزل اللهُ على بشرٍ من شيء؟! وهذا مِن فضل العلم وشرفه، أنه دليلٌ على صحة النبوَّة والرسالة، والله الموفِّق للرشاد.
وقال تعالى:
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164].
وقال تعالى:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: 2 - 4]
، يعني: وبَعَثَ في آخرين منهم لمَّا يلحقوا بهم.
وقد اختُلِفَ في هذا اللَّحاق المنفيِّ؛ فقيل: هو اللَّحاقُ في الزمان، أي: يتأخَّر زمانهم عنهم. وقيل: هو اللَّحاقُ في الفضل والسَّبق.
وعلى التقديرين، فامتنَّ عليهم سبحانه بأنْ علَّمهم بعد الجهل، وهداهم بعد الضلالة، ويا لها من منَّةٍ عظيمةٍ فاتت المِنَن، وجلَّت أن يقدرَ العبادُ لها على ثمن.
الوجه الثامن والثلاثون: أنَّ أول سورةٍ أنزلها الله في كتابه سورة القلم (1)؛ فذكر فيها ما مَنَّ به على الإنسان من تعليمه ما لم يعلم، فذكر فيها