«من أرجعته الطِّيَرة من حاجةٍ فقد أشرك»
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وفي أثرٍ آخر:
«من أرجعته الطِّيَرة من حاجةٍ فقد أشرك»
قالوا: وما كفَّارةُ ذلك؟ قال:
«أن يقول أحدُكم: اللهمَّ لا طيرَ إلا طيرُك ولا خيرَ إلا خيرُك» (1).
وفي «صحيح مسلم» (2) من حديث معاوية بن الحكم السُّلمي أنه قال: يا رسول الله، ومنَّا أناسٌ يتطيَّرون؛ فقال:
«ذلك شيءٌ يجدُه أحدُكم في نفسه فلا يصدَّنَّه»
؛ فأخبر أنَّ تأذِّيه وتشاؤمَه بالتطيُّر إنما هو في نفسه وعقيدته، لا في المتطيَّر به، فوهمُه وخوفُه وإشراكه هو الذي يُطيِّره ويصدُّه، لا ما رآه وسَمِعَه.
فأوضح - صلى الله عليه وسلم - لأمته الأمر، وبيَّن لهم فسادَ الطِّيَرة؛
ليعلموا أنَّ الله سبحانه لم يجعل لهم عليها علامة، ولا فيها دلالة، ولا نصبها سببًا لما يخافونه ويَحْذرونه، لتطمئنَّ قلوبُهم، ولتسكُن نفوسُهم إلى وحدانيته تعالى التي أرسَل بها رسله، وأنزَل بها كتبه، وخلَق لأجلها السموات والأرض، وعمَّر الدارين الجنة والنار، فبسبب التوحيد ــ ومن أجله ــ جعَل الجنةَ دارَ التوحيد ومُوجَباته وحقوقه، والنارَ دارَ الشرك ولوازمه ومُوجَباته، فقطعَ - صلى الله عليه وسلم - عَلَقَ الشرك من قلوبهم لئلَّا يبقى فيها علقةٌ منها، ولا يتلبَّسوا بعملٍ من أعمال أهله البتَّة.