{طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ}
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وقد قيل في قوله تعالى:
{طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ}
: إنَّ طائرهم هاهنا هو السببُ الذي يجيءُ فيه خيرُهم وشرُّهم، فهو عند الله وحده، وهو قَدَرُه وقَسْمُه، إن شاء رزقكم وعافاكم، وإن شاء حرمكم وابتلاكم.
ومِنْ هذا قالوا: طائرُ الله لا طائرُك (1)، أي: قدرُ الله الغالبُ الذي يأتي بالحسنات ويصرفُ السيئات، ومنه:
«اللهمَّ لا طيرَ إلا طيرُك، ولا خيرَ إلا خيرُك، ولا إلهَ غيرُك».
وعلى هذا، فالمعنيُّ بطائركم (2): نصيبُكم وحظُّكم الذي يطيرُ لكم (3). ومَنْ فسَّره بالعمل، فالمعنى: طائرُكم الذي طار عنكم من أعمالكم.
وبهذين القولين فُسِّرَ معنى قوله تعالى:
{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}
، وأنه ما طار عنه من عمله، أو طار له: ما قُضِيَ عليه، وقُدِّرَ عليه، وكُتِبَ له من الرزق والأجل والشقاوة والسَّعادة.
فصل وقد ثبت في «الصحيحين» (4) عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في وصف السَّبعين ألفًا الذي يدخلون الجنة بغير حسابٍ أنهم
«الذين لا يكتوون، ولا يَسْتَرقُون،