[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
الأولى وحَبَسها بحيث يتيقَّن أنَّ غيره لم يَقْرَبها ــ وهذا في غاية النُّدرة ــ لم يمكن المنجِّم أن يعلم أحوالَ ذلك المولود، ولا تفاصيل أمره البتَّة، ومدَّعي ذلك مجاهرٌ بالكذب والبَهْت.
وقد اعترف القومُ بأنَّ طالعَ الولادة مستعارٌ لا يفيدُ شيئًا؛ لأنَّ الولدَ لا يحدثُ في ذلك الوقت، وإنما ينتقلُ من مكانٍ إلى مكان.
وقد اعترفوا بأنَّ ضبطَه متعسِّرٌ جدًّا، بل متعذِّر، فإنَّ في اللحظة الواحدة من اللحظات تتغيَّرُ نَصْبةُ (1) الفلك تغيُّرًا لا يُضبَطُ ولا يحصيه إلا الله الذي هو بكل شيء عليم، ولا ريب أنَّ الطَّالعَ يتغيَّر بذلك تغيُّرًا عظيمًا لا يمكنُ ضبطُه.
وقد اعترفوا هم بهذا، وأنَّ سببَ هذا التفاوت يُحِيلُ أحكامَهم، واعترفوا بأنه لا سبيل إلى الاحتراز من ذلك.
فأيُّ وثوقٍ لعاقلٍ بهذا العلم بعد هذا كلِّه؟! وقد بينَّا أنَّ غايةَ هذا لو صحَّ وسَلِمَ من الخلل جميعُه ــ ولا سبيل إليه ــ لكان جزءَ السَّبب والعلَّة، والحكمُ لا يضافُ إلى جزء سببه، ثمَّ لو كان سببًا تامًّا فصوارفُه وموانعه لا تدخلُ تحت الضبط البتَّة، والحكمُ إنما يضافُ إلى وجود سببه التامِّ وانتفاء مانعه، وهذه الأسبابُ والموانعُ مما لا تدخلُ تحت حصرٍ ولا ضبطٍ إلا لمن أحصى كلَّ شيءٍ عددًا، وأحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، لا إله إلا هو علَّام الغيوب (2).