[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
المنجِّمين الذي لا يروجُ إلا على جاهلٍ ضعيف العقل؟! وتنزُّه الشافعيِّ (1) رحمه الله عن هذا هو الذي ينبغي أن يكونَ من مناقبه، فأمَّا أن يُذْكَر في مناقبه أنه كان منجِّمًا يرى القول بأحكام النجوم ويصحِّحها (2)، فهذا فعلُ من يَذُمُّ بما يظنُّه مدحًا! وإذا كان الشافعيُّ شديدَ الإنكار على المتكلِّمين، مُزْريًا بهم، حكمُه فيهم أن يُضرَبوا بالجَرِيد، ويُطافَ بهم في القبائل (3)، فماذا رأيه في المنجِّمين؟! وهو أجلُّ وأعلمُ من أن يحكُمَ بهذا الحكم على أهل الحقِّ ومَن قضاياهم في الصِّدق تنتهي إلى الحدِّ الذي ذُكِر في هذه الحكايات (4).
فذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم والحاكمُ وغيرهما عن الحُميدي، قال: قال الشافعي: خرجتُ إلى اليمن في طلب كتب الفراسة، حتى كتبتُها وجمعتُها، ثمَّ لما كان انصرافي مررتُ في طريقي برجلٍ وهو مُحْتَبٍ بفناء داره، أزرقِ العين، ناتاء الجبهة، سِنَاط (5)، فقلتُ له: هل من منزل؟ قال: نعم. قال الشافعي: وهذا النَّعتُ أخبثُ ما يكونُ في الفراسة. فأنزلَني، فرأيتُ أكرمَ رجل؛ بعَث إليَّ بعشاءٍ وطِيبٍ وعَلَفٍ لدوابِّي وفراشٍ ولِحَاف، فجعلتُ أتقلَّبُ الليلَ أجمَع، ما أصنعُ بهذه الكتب؟! فلمَّا أصبحتُ قلتُ