[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
والمقصودُ أنَّ هؤلاء لمَّا أوقعَتهم (1) أفكارُهم على العلم بما خفي على كثيرٍ من الناس من أسرار المخلوقات وطبائعها وأسبابها، ذهبوا بأفكارهم وعقولهم، وتجاوزَت ماجاءت به الرسل، وظنُّوا أنَّ إصابتهم في الجميع سواء، وصار المقلِّدُ لهم في كُفرهم إذا خطرَ له إشكالٌ على مذهبهم أو دَهَمَه مالا حيلةَ له في دفعه مِن تناقُضهم وفساد أصولهم يحسِّنُ الظَّنَّ بهم، ويقول: لا شكَّ أن علومهم مشتملةٌ على حلِّه (2) والجواب عنه، وإنما يَعْسُرُ عليَّ إدراكُه لأني لم أحصِّل الرياضيات ولم أُحْكِم المنطقيَّات وعدةَ علومٍ قد صقَلَتها أذهانُ الأوَّلين وأحكمَتها أفكارُ المتقدِّمين!
فالفاضلُ كلُّ الفاضل من يفهمُ كلامهم، وأمَّا الاعتراضُ عليهم وإبطالُ فاسد أصولهم فعندهم من المُحال الذي لا يُصَدَّق به.
وهذا مِن خداع الشيطان وتلبيسه بغروره لهؤلاء الجُهَّال مقلِّدو (3) أهل الضلال، كما لبَّسَ على أئمَّتهم وسَلفِهم بأنْ أوهمَهم أنَّ كلَّ ما نالوه بأفكارهم فهو صواب، كما ظهرت إصابتُهم في الرياضيات وبعض الطبيعيات، فركَّب مِن ضلالِ هؤلاء وجهلِ أتباعهم ما اشتدَّت به البليَّة، وعَظُمَت لأجله الرزيَّة، وخربَ لأجله العالَم، وجُحِدَ ما جاءت به الرسل وكُفِرَ بالله وصفاته وأفعاله.
ولم يعلم هؤلاء أنَّ الرجلَ يكونُ إمامًا في الحساب وهو أجهلُ خلق الله