{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: 57]

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فلهذا نظرُ الخليلِ - صلى الله عليه وسلم - في النجوم توريةٌ وتعريضٌ محض، ينفي به عنه تهمةَ قومه ويتوصَّلُ به إلى كيد أصنامهم (1).
فصل * وأمَّا الاستدلالُ بقوله تعالى:
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: 57]
، وأنَّ المرادَ به كِبَرُ القَدْرِ والشَّرف، لا كبرُ الجُثَّة= ففي غاية الفساد؛ فإنَّ المراد من الخَلق هاهنا الفعل، لا نفسُ المفعول، وهذا من أبلغ الأدلَّة على المَعاد، أي: أنَّ الذي خلق السموات والأرض ــ وخَلْقُها أكبرُ من خلقكم ــ كيف يُعْجِزُه خلقُكم بعدما تموتون خلقًا جديدًا؟! ونظيرُ هذا قوله تعالى في سورة يس:
{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}
، أي: مثل هؤلاء المنكرين (2). فهذا استدلالٌ بشمول القدرة للنَّوعين، وأنها صالحةٌ لهما، فلا يجوزُ أن يثبت تعلُّقها بأحد المقدورَين دون الآخر.
فكذلك قولُه:
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}
، أي: من لم تَعْجَز قدرتُه عن خلق العالم العُلويِّ والسُّفلي، كيف يعجزُ عن