
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فقيل في المجلس: لِمَ خلا علمُ النجوم من الفائدة والثمرة، وليس علمٌ من العلوم كذلك، فإنَّ الطِّبَّ ليس على هذه الحال ــ ثمَّ ذُكِرت فائدتُه والمنفعةُ به، وكذلك الحسابُ والنحوُ والهندسةُ والصَّنائعُ ذُكِرَت وذُكِرَت منافعُها وثمراتُها ــ؟ ثمَّ قال السائل: وليس علمُ النجوم كذلك؛ فإنَّ صاحبه إذا استقصى (1)، وبلغَ الحدَّ الأقصى في معرفة الكواكب، وتحصيل سَيرها واقترانها ورجوعِها ومقابلتها، وتربيعِها وتثليثها وتسديسها، وضُروب مزاجِها في مواضعها من بروجها وأشكالها، ومطالعِها ومقاطِعها (2) ومغاربها ومشارقِها ومذاهبها، حتى إذا حَكَمَ أصاب، وإذا أصابَ حَقَّق، وإذا حقَّقَ جَزَم، وإذا جَزَم حَتَم= فإنه لا يستطيعُ البتة قَلْبَ شيءٍ عن شيء، ولا صرفَ شيءٍ عن شيء (3)، ولا تبعيدَ حالٍ قد دَنَتْ، ولا نفيَ مُلِمَّةٍ (4) قد اكتُتِبَت (5)، ولا رفعَ سعادةٍ قد أجَمَّت وأطَلَّت (6)، أعني: أنه (7) لا يقدرُ على أن يجعل الإقامةَ سفرًا، ولا الهزيمةَ ظفرًا، ولا العقدَ حلًّا (8)، ولا الإبرامَ نقضًا، ولا اليأسَ رجاءً، ولا الإخفاقَ دَرَكًا، ولا العدوَّ صديقًا، ولا الوليَّ عدوًّا، ولا البعيدَ قريبًا، ولا القريبَ بعيدًا.