[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
طبائع أهل الإقليم الرابع؛ لأنَّ بُعْدَهم (1) عن الاعتدال قليل.
وأمَّا أهلُ الإقليم السادس والسابع، فإنَّ أهلَها مَقْرُورون (2)، ولغلبة البرد والرطوبة عليهم يشتدُّ بياضُ ألوانهم وزُرْقةُ عيونهم.
وأمَّا المواضعُ التي تَقْرُب من أن يكون القطبُ (3) فيها فوق الرأس، فهناك لا يَصِلُ تسخينُ الشَّمس إليها، فلا جَرَمَ عَظُمَ البردُ فيها، ولم يتكوَّن هناك حيوانٌ البتة.
وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّ الشَّمس جزءُ السَّبب، وأنَّ الهواءَ جزءُ السَّبب، والأرض جزء، وانعكاس الشُّعاع جزء، وقبول المنفعِلات جزء، ومجموعُ ذلك سببٌ واحدٌ قدَّره العزيزُ العليمُ القدير، وأجرى عليه نظامَ العالَم.
وقدَّر سبحانه أشياءَ أُخَر لا يعرفُها هؤلاء الجهَّال، ولا عندهم منها خبر، مِنْ تدبير الملائكة، وحركاتهم، وطاعة أستُقُصَّات العالم وموادِّه لهم، وتصريفهم تلك الموادَّ بحسب ما رُسِمَ لهم من التقدير الإلهيِّ والأمر الرباني.
ثمَّ قدَّر تعالى أشياءَ أُخَر تُمَانِعُ هذه الأسبابَ عند التصادم، وتُدافِعُها، وتقهرُ مُوجَبَها ومقتضاها، ليظهر عليها أثرُ القهر والتسخير والعبوديَّة، وأنها