مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6530 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فيقال: نحن لم ننازعكم في تأثير الشَّمس والقمر في هذا العالَم بالحرارة والرطوبة والبرودة واليُبوسة وتوابعها، وتأثيرها في أبدان الحيوان والنبات، ولكنْ هما جزءٌ من السبب المؤثِّر، وليسا بمؤثِّرٍ تامٍّ، فإنَّ تأثيرَ الشَّمس مثلًا إنما كان بواسطة الهواء وقبوله للسُّخونة والحرارة بانعكاس شعاع الشَّمس عليه عند مقابلتها لجِرْم الأرض، ويختلفُ هذا القبولُ عند قُرب الشَّمس من الأرض وبُعْدِها، فيختلفُ حالُ الهواء وأحوالُ الأبخرة في تكاثُفها وبرودتها وتلطُّفها وحرارتها، فتختلفُ التأثيراتُ باختلاف هذه الأسباب، والشَّمس جزءُ السبب (1) في ذلك، والأرضُ جزء، والهواءُ جزء، والمقابلةُ الموجِبةُ لانعكاس الأشعَّة جزء، والمحلُّ القابلُ للتأثير والانفعال جزء.
ونحن لا ننكرُ أنَّ قوةَ البرد بسبب بُعْدِ الشَّمس عن سَمْتِ رؤوسنا، وقوةَ الحرِّ بسبب قُرب الشَّمس من سَمْتِ رؤوسنا.
ولا ننكرُ أنَّ الشَّمس إذا طلعت فإنَّ الحيوانَ ناطقَه وبهيمَه يخرجُ من مكامنه وأكنَّته، وتظهرُ القوةُ والحركةُ فيهم، ثمَّ مادامت الشَّمس صاعدةً في الربع الشرقيِّ (2) فحركاتُ الحيوان في الازدياد والقوَّة والاستكمال، فإذا مالت الشَّمس عن وسط السماء أخذَت حركاتُ الحيوان وقُواهم في الضعف، وتستمرُّ هذه الحالُ إلى غروب الشَّمس، ثمَّ كلما ازدادَ نورُ الشَّمس عن هذا العالم بُعْدًا ازدادَ الضعفُ والفتورُ في حركة الحيوان، وهدأت الأجساد، ورجعت الحيواناتُ إلى مكامِنها، فإذا طلعت الشَّمس رجعوا إلى الحالة الأولى.

الصفحة

1272/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !