{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وانقطاعه (1) وانشقاقُه، فكيف جمعتم بين تكذيب الرسل في الإخبار عن انقطاعه وانشقاقه وانحلاله، وبين دعواكم تركُّبه من ماهيَّاتٍ مختلفةٍ في أنفسها غير ممتنعٍ على المركَّب منها الانحلالُ والانفطار؟! فلا للرسل صدَّقتم، ولا مع وجوب العقل وقفتم، بل أنتم من أهل هذه الآية:
{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10].
فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال: إنَّ كلَّ برجٍ من البروج الاثني عشر قد ارتسَمَت فيه كواكبُ صغيرةٌ بلغت في الصِّغر إلى حيث لا يمكننا أن نُحِسَّ بهم، ثم إنَّ الكوكبَ إذا وقعَ في مُسَامَتة برجٍ خاصٍّ امتزج نورُ ذلك الكوكب بأنوار تلك الكواكب الصِّغار المُرْتَسِمَة في تلك القطعة من الفلَك، فيحصُل
بهذا السبب آثارٌ مخصوصة؟ وإذا كان هذا محتملًا ــ ولم يبطُل بالدليل ثبوتُه ــ تعيَّن المصيرُ إليه.
قيل: طبائعُ تلك الكواكب إن كانت مختلفةً بالماهيَّة عاد المحذورُ المذكور، وإن كانت واحدةً لم يكن ذلك الامتزاجُ إلا متشابهًا (2)، فلا يُتَصَوَّرُ صدورُ الآثار المتضادَّة المختلفة عنه.
الوجه الثاني من الكلام على بطلان علم الأحكام: أنَّ معرفة جميع المؤثِّرات (3) الفلَكيَّة ممتنعة، وإذا كان كذلك امتنعَ الاستدلالُ بالأحوال الفلَكيَّة على حدوث الحوادث السُّفليَّة.