مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6766 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

قلنا: يحيا به عددٌ كثيرٌ من النَّاس؛ إذ لو تُرِك ولم يُؤْخَذ على يديه لأهلكَ النَّاسُ بعضُهم بعضًا، فإن لم يكن في قتل الثَّاني حياةٌ للأوَّل، ففيه حياةٌ للعالَم، كما قال تعالى:

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}

، ولكنَّ هذا المعنى لا يُدْرِكه حقَّ الإدراك إلا أولو الألباب.
فأين هذه الشريعةُ وهذه الحكمةُ وهذه المصلحةُ من هذا الهذيان الفاسد، وأن يقال: قتلُ الجاني إتلافٌ بإزاء إتلاف، وعدوانٌ في مقابلة عدوان، فيكونُ قبيحًا لولا الشَّرع؟! فوازِن بين هذا وبين ما شرَعه الله وجَعَل مصالحَ عباده منُوطةً به.
وقولكم: «فيه تكثيرُ المفسدة بإعدام النَّفْسَيْن».
فيقال: لو أعطيتم رُتَبَ المصالح والمفاسد حقَّها لم ترتضوا بهذا الكلام الفاسد؛ فإنَّ الشرائعَ والفِطرَ والعقولَ متَّفقةٌ على تقديم المصلحة الراجحة، وعلى ذلك قام العالَم، وما نحن فيه كذلك؛ فإنه احتمالٌ لمفسدة إتلاف الجاني إلى هذه المفسدة العامَّة. فمن تحيَّر عقلُه بين هاتين المفسدتين فلِفَسادٍ فيه! والعقلاء قاطبةً متَّفقون على أنه يحسُن إتلافُ جزءٍ لسلامة كلٍّ؛ كقطع الإصبع أو اليد المتأكِّلة لسلامة سائر البدن، وكذلك يحسُن الإيلامُ لدفع إيلامٍ أعظمَ منه؛ كقطع العُروق وبَطِّ الخُرَاج (1) ونحوه، فلو طَرَد العقلاءُ قياسَكم هذا الفاسد، وقالوا: هذا إيلامٌ متحقِّقٌ لدفع إيلامٍ متوهَّم، لفَسَدَ البدنُ جملةً.
ولا فرق عند العقول بين هذا وبين قياسكم في الفساد.

الصفحة

1105/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !