مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6886 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فكان في القِصاص حياةُ العالَم وصلاحُ الوجود.
وقد نبَّه تعالى على ذلك بقوله:

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]

، وفي ضِمْن هذا الخطاب ما هو كالجواب لسؤالٍ مقدَّر: أنَّ إعدام (1) هذه البِنْية الشريفة (2)، وإيلامَ هذه النَّفس وإعدامَها، في مقابلة إعدام المقتول تكثيرٌ لمفسدة القتل، فلأيَّة حكمةٍ صَدَرَ هذا ممَّن وَسِعَت رحمتُه كلَّ شيء، وبَهَرت حكمتُه العقول؟! فتضمَّن الخطابُ جوابَ ذلك بقوله تعالى:

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}

، وذلك لأنَّ القاتلَ إذا توهَّم أنه يُقْتَلُ قِصاصًا بمن قَتَله كَفَّ عن القتل وارتَدَع، وآثَر حُبَّ حياته ونفسِه؛ فكان فيه حياةٌ له ولمن أراد قتلَه.
ومن وجهٍ آخر؛ وهو أنهم كانوا إذا قُتِل الرَّجلُ من عشيرتهم وقبيلتهم قَتَلوا به كلَّ من وجدوه من عشيرة القاتل وحَيِّه وقبيلته، وكان في ذلك من الفساد والهلاك ما يَعُمُّ ضررُه، وتشتدُّ مُؤنتُه؛ فشرَع الله تعالى القِصاص، وأن لا يُقْتَل بالمقتول غيرُ قاتله، ففي ذلك حياةُ عشيرته وحَيِّه وأقاربه.
ولم تكن الحياةُ في القِصاص مِنْ حيث إنه قتلٌ، بل مِنْ حيث كونُه قِصاصًا يُؤخَذُ القاتلُ وحده بالمقتول، لا غيرُه.
فتضمَّن القِصاصُ الحياةَ في الوجهين جميعًا.
وتأمَّل ما تحت هذه الألفاظ الشَّريفة من الجلالة والإيجاز، والبلاغة والفصاحة، والمعنى العظيم:

الصفحة

1101/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !