مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

11800 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

الوجه الرابع والأربعون: أنَّ قدرتَه على الشيء لا تنفي حكمتَه المانعة من وجوده؛ فإنه تعالى يَقْدِرُ على مقدوراتٍ تُمْنَعُ بحكمته، كقدرته على قيام السَّاعة الآن، وقدرته على إرسال الرُّسل بعد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقدرته على إبقائهم بين ظهور الأمَّة إلى يوم القيامة، وقدرته على إماتة إبليسَ وجنوده وإراحة العالَم منهم.
وقد ذكر سبحانه في القرآن قدرتَه على ما لا يفعلُه لحكمته في غير موضع؛ كقوله تعالى:

{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]

، وقوله تعالى:

{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون: 18]

، وقوله:

{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 3 - 4]

، أي: نجعلُها كخُفِّ البعير صفحةً واحدة، وقوله تعالى:

{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة: 13]

، وقوله:

{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99]

، وقوله:

{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [هود: 118].

فهذه وغيرُها مقدوراتٌ له سبحانه، وإنما امتَنعت لكمال حكمته، فهي التي اقتضت عدمَ وقوعها، فلا يلزمُ من كون الشيء مقدورًا أن يكون حسنًا موافقًا للحكمة.
وعلى هذا، فقدرتُه تبارك وتعالى على ما ذكرتم لا تقتضي حُسْنَه وموافقتَه لحكمته، ونحن إنما نتكلَّمُ معكم في الثَّاني لا في الأوَّل، فالكلامُ في الحكمة ومقتضى (1) الحكمة والعناية غيرُ (2) الكلام في المقدور،

الصفحة

1070/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !