مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

12058 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

الوجه الخامس والثَّلاثون: قولكم: «إنَّ الله خلَّى بين العباد وظُلم بعضهم بعضًا، وأنَّ ذلك ليس بقبيحٍ منه، فإنه قبيحٌ منَّا» (1).
فذلك فاسدٌ على أصل التكليف؛ فإنَّ التكليفَ إنما يتمُّ بإعطاء القدرة والاختيار، والله تعالى قد أقدَرَ عبادَه على الطَّاعات والمعاصي، والصَّلاح والفساد، وهذا الإقدارُ هو مناطُ الشرع والأمر والنهي، فلولاه لم يكن شرعٌ ولا رسالة، ولا ثوابٌ ولا عقاب، وكان النَّاسُ بمنزلة الجمادات والأشجار والنَّبات.
فلو حالَ سبحانه بين العباد وبين القدرة على المعاصي لارتفع الشرعُ والرِّسالةُ والتكليف، وانتفت فوائدُ البعثة، ولَزِم من ذلك لوازمُ لا يحبُّها الله، وتعطَّلت به غاياتٌ محمودةٌ محبوبةٌ لله وهي ملزومةٌ لإقدار العباد وتمكينهم من الطَّاعة والمعصية، ووجودُ الملزوم بدون اللازم محال، وقد نبَّهنا على شيءٍ يسيرٍ من الحِكَم المطلوبة والغايات المحمودة فيما سَلَف من هذا الفصل وفي أوَّل الكتاب (2).
فلو أنَّ الربَّ تعالى خلق خلقَه ممنوعين من المعاصي غيرَ قادرين عليها بوجهٍ (3) لم يكن لإرسال الرسل وإنزال الكتب والأمر والنهي والثَّواب والعقاب سببٌ يقتضيه، ولا حكمةٌ تستدعيه، وفي ذلك تعطيلُ الأمر جملة، بل تعطيلُ المُلك والحمد، والربُّ تعالى له الخلقُ والأمر، وله الملكُ والحمد.

الصفحة

1055/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !