مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

20439 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فليتأمَّل اللبيبُ الفاضلُ ماذا يعودُ إليه نصرُ المقالات، والتَّعصُّبُ لها، والتزامُ لوازمها، وإحسانُ الظَّنِّ بأربابها بحيث يَرى مساوئهم محاسنَ، وإساءةُ الظَّنِّ بخصومهم بحيث يَرى محاسنَهم مساواء، كم أفسَد هذا السُّلوكُ من فطرةٍ وصاحبُها من الذين يحسبون أنهم على شيءٍ، ألا إنهم هم الكاذبون! ولا تتعجَّب من هذا؛ فإنَّ مرآة القلب لا يزالُ يُتَنفَّسُ فيها (1) حتى يَسْتَحْكِمَ صدؤها، فليس ببِدْعٍ لها أن ترى الأشياء على خلاف ما هي عليها، فمبدأ الهدى والفلاح صِقالُ تلك المرآة، ومنعُ الهوى من التنفُّس فيها، وفتحُ عَيْن البصيرة في أقوال من تسيءُ الظَّنَّ بهم كما تفتحُها في أقوال من تحسنُ الظَّنَّ بهم، وقيامُك لله، وشهادتُك بالقِسط، وأن لا يحملك بغضُ منازعيك وخصومك على جَحْد زَيْنِهم (2)، وتقبيح محاسنهم، وترك العدل فيهم، فإنَّ الله لا يعتدُّ بتعب مَنْ هذا شأنُه، ولا يُجْدِي علمُه نفعًا أحوجَ ما يكونُ إليه، والله يحبُّ المقسطين، ولا يحبُّ الظَّالمين.
الوجه الثَّالث والثَّلاثون: قولكم: «إنَّ مستندَ الحكم بقُبح الكذب غائبًا قياسُ الغائب على الشاهد، وهو فاسد».
فيقال: الرَّبُّ تعالى لا يدخُل مع خلقه في قياس تمثيلٍ ولا قياس شمولٍ يستوي أفرادُه، فهذان النوعان من القياس يستحيلُ ثبوتُهما في حقِّه، وأمَّا قياسُ الأولى فهو غيرُ مستحيلٍ في حقِّه، بل هو واجبٌ له، وهو مستعملٌ في حقِّه عقلًا ونقلًا:

الصفحة

1050/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !