[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وزادت البَراهِمَةُ (1) على التَّناسُخية بأن قالوا: نحن لا نحتاجُ إلى شريعةٍ وشارعٍ أصلًا؛ فإنَّ ما يأمرُ به النَّبيُّ لا يخلو إمَّا أن يكون معقولًا أو غيرَ معقول، فإن كان معقولًا فقد استُغْنِي بالعقل عن النَّبيِّ، وإن لم يكن معقولًا لم يكن مقبولًا (2).
فهذه الطَّوائفُ كلُّها لما جعلت في العقل حاكمًا بالحُسْن والقُبح أدَّاها إلى هذه الآراء الباطلة والنِّحَل الكافرة، وأنتم يا معاشِرَ المُثْبِتة (3) يصعُب عليكم الرَّدُّ عليهم وقد وافقتموهم على هذا الأصل، وأمَّا نحنُ فأخَذنا عليهم رأسَ الطَّريق، وسَدَدنا عليهم الأبواب، فمَن طرَّق لهم الطَّريق، وفتح لهم الأبواب، ثمَّ رام مُناجَزة القوم، فقد رام مرتقًى صعبًا.
فهذه مَجامعُ جيوش النُّفاة قد وافَتك بعَدَدها وعُدَدها، وأقبلَت إليك بحَدِّها وحَدِيدها، فإن كنتَ من أبناء الطَّعن والضَّرب فقد التقى الزَّحفان، وتقابَل الصَّفَّان، وإن كنتَ من أصحاب التُّلول (4) فالزَم مقامَك، ولا تَدْنُ من الوطيس فإنه قد حَمِي، وإن كنتَ من أهل الأسراب (5) الذين يسألونَ عن الأنباء ولا يثبُتون عند اللقاء: