{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
من تمام حكمته وكمال رحمته، وهو البَرُّ الرحيم.
* وأيضًا؛ فإنه سبحانه لما خلَق خلقَه أطوارًا وأصنافًا، وسبَق في حكمه (1) تفضيلُه آدمَ وبنيه على كثيرٍ من مخلوقاته= جعَل عبوديَّته أفضلَ درجاتهم، أعني العبوديةَ الاختيارية التي يأتونَ بها طوعًا واختيارًا، لا كرهًا واضطرارًا.
وقد ثبت أنَّ الله سبحانه أرسل جبريلَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخيِّره بين أن يكون مَلِكًا نبيًّا أو عبدًا نبيًّا، فنظر إلى جبريل كالمستشير له، فأشار إليه أنْ تواضعْ، فقال: "بل أكونُ عبدًا نبيًّا" (2)؛ فذَكَره سبحانه باسم عبوديَّته في أشرف مقاماته: في مقام الإسراء، ومقام الدَّعوة، ومقام التحدِّي.
فقال في مقام الإسراء:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1]
، ولم يقل: "برسوله"، ولا: "نبيه"؛ إشارةً إلى أنه نال هذا المقامَ الأعظم بكمال عبوديَّته لربه.
وقال في مقام الدعوة:
{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19].