فتيا في صيغة الحمد

فتيا في صيغة الحمد

517 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٧)]

تحقيق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - جديع بن جديع الجديع

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٤٣

قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]



مشاركة

فهرس الموضوعات

وشكرُها عند أهل الجود والكرم أحبُّ إليهم من أموالهم، فهم يبذلونها طلبًا للثناء، والله عز وجل أكرمُ الأكرمين، وأجودُ الأجودين، فهو يبذل نعمَهُ لعباده، ويطلب منهم الثناءَ بها، وذكرَها، والحمدَ عليها، ويرضى منهم بذلك شكرًا عليها، وإن كان ذلك كلُّه من فضله عليهم، وهو غير محتاحٍ إلى شكرهم، لكنه يحب ذلك من عباده، حيث كان صلاح العبد وفلاحُه وكمالُه فيه. ومن فضله أنه نسب الحمدَ والشكر إليهم، وإن كان من أعظم نعمه عليهم، وهذا كما أنه أعطاهم ما أعطاهم من الأموال، ثم استقرض منهم بعضَه، ومدحهم بإعطائه، والكلُّ ملكُه، ومن فضله، ولكن كرمه اقتضى ذلك" (1).
فهذا هو خلاصة الفتيا ومحتواها، وعين الخلاصة المذكور في هذه الفتيا قد ذكره ابن القيم -رحمه الله- في كتاب آخر له وهو "عدة الصابرين" (2)، وخَلَص فيه إلى نفس ما خلص إليه ههَنا في الفتيا مع إيجازٍ شديدٍ.
وقفةٌ مع الفتيا: من المعروف عن ابن القيم -رحمه الله- أنه صاحب بَسْطٍ واستقصاءٍ؛ وذلك لما يتمتع به من سعةِ اطلاعٍ، وقوةِ ذاكرةٍ، وسيلانِ ذهنٍ، فقلَّ أن يفارقه الصواب في أجوبته.
وأول ما نقرؤه في مقدمة فتياه عن مسألة الحمد تأصيله لها بنفي وجود سندٍ لهذه الصيغة، وإنما غاية الأمر أنها أثرٌ مرويٌّ عن آدم عليه السلام،

الصفحة

11/ 23

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين، وعليه نتوكل (1) ما يقول السادة العلماء أئمة الدين (2) -رضي الله عنهم أجمعين- في رجلين تباحثا في الحديث المروي في: "الحمد لله، حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده"، فقال الآخر لقائل هذا الحديث: الربُّ سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: "لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" (3).
فقال له راوي الحديث الأول: من لم يوافق على هذا الحديث تَيْسٌ، وحمارٌ، وجاهلٌ! فهل هذا الحديث الأول الدي رواه في "الحمد لله، حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده" في (4) الصحيح أم لا؟ ومن المصيب من الرجلين؟ وليُبْسَط القول مثابين، أفتونا مأجورين رحمكم الله.
أجاب شيخنا الإمام العالم، قدوة المحققين، عمدة المحدثين، شمس الملة والدين: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر القيم، تغمده الله برحمته (5):

الصفحة

3/ 43

مرحبا بك !
مرحبا بك !