
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مخطوطات الكتاب مخطوطات الكتاب التي وقفت عليها أو علمت بها يبلغ عددها 14 نسخة، وقد اخترت منها خمس نسخ اعتمدت عليها أو استأنست بها في إخراج هذه النشرة، أصفها أولًا ثم أذكر سائرها. 1 - نسخة الظاهرية (الأصل) وهي من مخطوطات دار الكتب الظاهرية برقم 1457 تصوف 139. وصفها الأستاذ محمد رياض مالح رحمه اللَّه في فهرس مخطوطات التصوف (2/ 274) بقوله: "الخط نسخي مقروء، بخطوط مختلفة، الحبر أسود، ق 125، س 24، كلمات السطر 15. هامش 2 سم. 25.5 × 18 سم". ثم ذكر من ملاحظاته عليها: "نسخة قيمة. الورقة الأولى بخط المؤلف، ثم ورقتان بخط حديث. ثم يتخلل الكتاب بعض خطوط مختلفة، ولكن الغالب خط المؤلف. وهو من وقف العمرية". لقد حرصت على نقل هذا الوصف لأنه صادر عن معاينة للأصل لا لصورته التي بين أيدينا. الحق أن هذه النسخة -كما سنرى- تحفة نفيسة وكنز ثمين لا يقوّم، لأنها مسوّدة الكتاب بخط ابن القيم رحمه اللَّه. وفيها تصحيحات وإضافات واستدراكات كثيرة بخطه. أما عدد أوراق النسخة في وضعها الحالي، وهي مرقمة، فقد وصل ترقيمها مع الورقتين اللتين ذكر الأستاذ مالح أنهما بخط حديث إلى 126 ورقة، والظاهر أن تكون معهما 127 ورقة. أما عدد الأسطر فيتراوح ما
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.
فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].
فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم