طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

12045 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

في ذلك، فهو حامل علمه وناشره وشارحه. وكذلك بعض أقوال الشيخ وآرائه يعزوها إليه حينًا، ويغفل العزو حينا آخر. ومن ثم يجب على من يريد دراسة أفكار ابن القيم في موضوع من الموضوعات أن يستوعب النظر في مؤلفات شيخه أيضًا. ذكر ابن القيم شيخه في هذا الكتاب في عشرة مواضع. أورد في موضعين (12، 186) ثلاثة أبيات من تائيته. وفي موضعين (328، 518) ذكر كتابه "موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح" وأثنى عليه. وفي موضعين آخرين (184، 658) نقل مناظرة له مع بعض شيوخ الجبرية حكاها له. وفي (849) نقل حكمه على حديث بأنه باطل موضوع. وفي المواضع الأخرى (200، 214، 534) نقل أقوال شيخه في بعض المسائل. أما النصوص التي هي لشيخه بدليل وجودها في كتبه أو أن ابن القيم نفسه عزاها إليه في كتاب آخر له، فمنها أنه ذكر في (29) قول المسيح للحواريين: "إنكم لن تلجوا ملكوت السماء حتى تولدوا مرتين" وفسّره واستدل كذلك بقراءة لأبي بن كعب، من غير إشارة إلى شيخه. ولكن في مدارج السالكين (3/ 34) نقل ذلك كله عن الشيخ. ومنها أنه لما فسّر "العزيز" من أسماء اللَّه سبحانه بأن العزة تتضمن القوة قال: "يقال: عز يعَز -بفتح العين- إذا اشتدّ وقوي. ومنه الأرض العزاز للصلبة الشديدة. وعز يعز -بكسر العين- إذا امتنع ممن يرومه. وعز يعُز -بضم العين- إذا غلبَ وقهر. فأعطوا أقوى الحركات -وهي الضمة- لأقوى المعنى، وهو الغلبة والقهر للغير. . . " (231). ونحوه في مدارج السالكين (3/ 238) وجلاء الأفهام (147) أيضًا، ولكن السياق في جلاء الأفهام يدلّ على أنه من كلام شيخ الإسلام، إذ قال فيه:

الصفحة

46/ 91

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.

فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].

فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم

الصفحة

5/ 956

مرحباً بك !
مرحبا بك !