طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

5864 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

موارد الكتاب بالإضافة إلى نصوص القرآن والأحاديث والآثار، يتضمن الكتاب نقولًا من كتب التفسير والحديث والتصوف، وأقوالًا وأشعارًا ومذاهب واحتجاجات لأصحاب المقالات ورجال الفرق. فلا شك أن المصنف رحمه اللَّه كان بين يديه عدد كبير من المصادر التي وقف عليها، منها ما وصل إلينا، ومنها ما لم يصل، وبعض ما وصل ليس بين أيدينا، فليس من السهل أن يكشف عنها جميعًا. ثم لم يكن من منهج العلماء عمومًا التزام الإحالة في كل ما يوردونه في مصنفاتهم من أقوال ومذاهب. ثم المصادر في زمنهم كانت متوافرة، وكثير من تلك الأقوال والمذاهب معروفة لأصحابها، والثقة بالناقل قائمة، فكأنّهم كانوا يرون من التكلف كلّما ذكر مؤلف قولًا من الأقوال أن يصرّح باسم الكتاب الذي نقله منه، بل قد لا يرى داعيًا إلى تسمية القائل نفسه فضلًا عن مصدر قوله، بل قد يتعمد إغفال اسمه لأمر ما. ولنضرب مثالًا من كتابنا هذا، ليتضح القصد. عقد المؤلف رحمه اللَّه فصلًا في ذكر كلمات عن أرباب الطريق في الفقر والغنى (96 - 105) أورد فيه أكثر من عشرين كلمة للمشايخ مع التعليق عليها. وهذه كلها مأخوذة من كتاب واحد، وهو الرسالة القشيرية، ولكن لم يشر المؤلف إليها. نعم ذكر في موضع الأستاذ أبا القاسم القشيري، ولكن لا لبيان مصدر الأقوال، بل لأن أبا القاسم علق على كلمة للمظفر القرميسيني، ورأى المؤلف أن في الكلمة شطحًا وفي التعليق غموضًا وخلطًا، مما يستوجب التعقيب، فعقّب عليهما وأبان وجه الصواب. فنلاحظ هنا أن ابن القيم رحمه اللَّه لم يشر إلى مصدر الأقوال لأن غرضه

الصفحة

40/ 91

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.

فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].

فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم

الصفحة

5/ 956

مرحبًا بك !
مرحبا بك !