طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

12042 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

العامة، وذكرنا أن الكلام على ذلك من وجوه، هذا آخر الوجه الثاني منها. والوجه الثالث: ... ". وهكذا تكلم ابن القيم على فصل فصل من كتاب محاسن المجالس حتى إذا وصل إلى فصل المحبة قال: "والمقصود: الكلام على علل المقامات وبيان ما فيها من خطأ وصواب. ولما كان أبو العباس ابن العريف رحمه اللَّه قد تعرض لذلك في كتابه "محاسن المجالس" ذكرنا كلامه فيه وما له وما عليه. ثم ذكر بعدها فصلًا في المحبة وفصلًا في الشوق، فنذكر كلامه في ذلك وما يفتح اللَّه به تتميمًا للفائدة، ورجاء للمنفعة وأن يمنّ اللَّه العزيز الوهاب بفضله ورحمته، فيرقي عبده من العلم إلى الحال، ومن الوصف إلى الاتصاف، إنه قريب مجيب" (639). فانظر كيف تدرّج ابن القيم رحمه اللَّه بقارئه، فقال له أولًا: إنه سيذكر أمثلة من علل المقامات، وذكر مثال الإرادة، ونقل (479) كلام "طائفة" (وهو فصل من كلام ابن العريف). وفي المثال الثاني قال (492): "قال أبو العباس". وفي المثال الثالث زاد في تعريفه، فقال (545): "أبو العباس بن العريف". وبعد المثال السادس ذكر (639) مع اسمه اسم كتابه أيضًا، فجاءت الإحالة إحالة كاملة. فهل هذا اتفاق أو أسلوب من أساليب التأليف عند ابن القيم رحمه اللَّه؟ أراني أميل إلى الأمر الثاني. ولعلّ تطرّقه في كتاب "مدارج السالكين" إلى شرح "منازل السائرين" للهروي ونقده أيضًا من هذا. وبقي سؤال، وهو أنّ ابن العريف قد اعتمد في كتابه على كتاب علل المقامات للشيخ الهروي كما ذكر شيخ الإسلام. وقد أشار إليه ابن القيم أيضًا في مدارج السالكين حينما نقل كلام ابن العريف -دون تسميته- في

الصفحة

35/ 91

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.

فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].

فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم

الصفحة

5/ 956

مرحباً بك !
مرحبا بك !