طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

12047 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

وهنا واجه مسألة كبيرة أخرى من المعضلات، قد أشكلت على الفلاسفة وغيرهم من أصحاب الديانات والمقالات قديمًا وحديثًا، فخبطوا فيها خبط عشواء. هي مصدر الشرّ الموجود في العالم وحكمة خلق الأضداد. فناقش المؤلف هذه المسألة من وجوه مختلفة، وأعاد فيها وأبدأ ذاكرًا مذاهب الناس في دخول الشر في القضاء الإلهي، والأصول التي تفرّعت عنها تلك المذاهب، وفي أثنائها تعرض لمسألة إيلام الأطفال والبهائم. وفي الأخير نقل فصلًا لفخر الدين الرازي في هذه المسألة من كتابه المباحث المشرقية، وعقّب عليه.

وقد اتضح من هذا العرض المقتضب لمسألة القضاء والقدر وما يتصل بها كيف تطرق الكلام إليها، ثم اقتضى خطرها وكثرة التنازع فيها أن يتوسع في مناقشتها. ولعلك تذكر قول المؤلف في بداية الفصل أن اللَّه سبحانه لا يحبس فضله عن الانسان إلا لأمرين، وأنه ذكر الأمر الأول الذي قاده إلى هذه المسألة العظيمة الواسعة الأطراف، فذهب عليه مع استطالة الكلام أن يذكر الأمر الثاني. وهذا الموضع ومواضع أخرى تدلّ على أن المؤلف رحمه اللَّه لم يتمكن من إعادة النظر في الكتاب بعد تسويده.

2 - نقد كتاب محاسن المجالس لابن العريف في علل المقامات

أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى الصنهاجي الأندلسي المعروف بابن العريف من أكابر صوفية الأندلس. ولد في المرية، ومات في مرّاكش. كانت له عناية بالقراءات ومشاركة في عدة علوم. وكان أديبًا شاعرًا، وكانت بينه وبين القاضي عياض مكاتبات حسنة (1). وله كتاب

الصفحة

29/ 91

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.

فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].

فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم

الصفحة

5/ 956

مرحباً بك !
مرحبا بك !