طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

12039 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

قواعد لطيفة تراوح حجمها بين 6 أسطر و 22 صفحة. والقواعد التسع وقعت بين فصلين استغرق أحدهما 104 صفحة والآخر 170 صفحة. وتحت كل فصل وقاعدة -إلّا القواعد القصار- فصول كثيرة تطول أو تقصر حسب مقتضى الكلام. هذا البناء العام للكتاب قد انطوى على عدد كبير من المباحث العظيمة والمطالب الشريفة والمسائل المشكلة، يستحق بعضها أن يفرد بالتأليف، وبعضها إذا استخرج من هذا الكتاب صار رسالة مستقلة في موضوعها. ونشير هنا بصفة خاصة إلى مبحثين عظيمين، قد وردا في الظاهر عرضًا، ثم استتبع الكلام عليهما مسائل أخرى، وسيقف القارئ من خلال عرضهما على بعض طرائق المؤلف رحمه اللَّه في التأليف. 1 - مبحث في القضاء والقدر: هذا المبحث الذي جاء استطرادًا استغرق نحو 210 صفحة (137 - 346)، ومن المعلوم أن للمؤلف كتابًا مفردًا في هذا الموضوع كما سبق، ولكن الظاهر أنّه لم يكن ألفه إلى ذلك الحين، وإلّا لأحال عليه، وأوجز الكلام على المسألة حسب الاقتضاء. فلننظر كيف تطرق الحديث إلى هذا الموضوع؟ ذكر المؤلف في أحد فصول القاعدة الأولى أن الإنسان ليس عالمًا بمصلحته ولا قادرًا عليها، واللَّه تعالى هو الذي يعلم ويقدر، ويحب الجود والبذل، ويعطي من فضله لا لمعاوضة ولا لمنفعة، فإذا حبس فضله عن الإنسان فهناك أمران لا ثالث لهما. وذكر الأمر الأول وهو أن يكون الإنسان نفسه واقفًا في طريق مصالحه ومعوقًا لوصول فضله إليه. فإن نعمة اللَّه لا تنال إلا بطاعته ولا تستدام إلا بشكره، فآفته من نفسه

الصفحة

27/ 91

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.

فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].

فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم

الصفحة

5/ 956

مرحباً بك !
مرحبا بك !