
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عنوان الكتاب ذكر الكتاب في المصادر -ومنها بعض كتب المؤلف- بعدّة عناوين وصلت إلى ستة وجوه، وهي: 1 - سفر الهجرتين وطريق السعادتين. بهذا العنوان سمّاه المؤلف في مدارج السالكين (1/ 156)، فقال: ". . . وذكرنا أيضًا في كتابنا المسمّى بـ (سفر الهجرتين وطريق السعادتين) ". وهذا العنوان هو الذي ذكره الصفدي (764 هـ) في الوافي (2/ 271) وأعيان العصر (4/ 369)، وابن تغري بردي (874 هـ) في المنهل الصافي (3/ 62). 2 - سفر الهجرتين في طريق السعادتين. هذا العنوان أيضًا ورد في كتاب مدارج السالكين (1/ 480) قال: ". . . ذكرناه في كتابنا المسمّى (سفر الهجرتين في طريق السعادتين) ". وغريب أن يختلف العنوان في كتاب واحد في موضعين متقاربين. 3 - سفر الهجرتين وباب السعادتين. ذكره تلميذه الحافظ ابن رجب (795 هـ) في ترجمته في ذيل طبقات الحنابلة (5/ 175). ومنه نقل ابن ناصر الدين (842 هـ) في الرد الوافر (68) والداودي (945 هـ) في طبقات المفسرين (2/ 92) ومرعي بن يوسف الحنبلي (1033 هـ) في الشهادة الزكية (34) وابن العماد (1089 هـ) في شذرات الذهب (3/ 169).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.
فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].
فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم