طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

5918 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

توثيق نسبة الكتاب لم يكن هذا الكتاب بحاجة إلى توثيق نسبته إلى الإمام ابن القيم رحمه اللَّه، فإننا لا نعرف أحدًا شكّ في ذلك، لولا ما وجد على ظهر نسخة منه، وهي محفوظة في مكتبة الدولة في برلين برقم 8795، وناقصة من أولها بقدر ستين ورقة تقريبًا، فكتب بعضهم في أعلى الورقة الأولى: "كتاب نهج العمل لابن حجر"، وفي ورقة أخرى قبلها كتب: "نهج العمل لابن حجر في السلوك". ولعل من كتب هذه العبارة قصد المغالاة في ثمن النسخة وإغراء من يعرضها عليه بالشراء. وذلك لأن النسخة كتبت سنة 816 هـ كما جاء في خاتمتها، فإذا كان مؤلفها الحافظ ابن حجر المتوفى سنة 852 هـ، فهي على هذا قد نسخت في حياة المؤلف قبل وفاته بستة وثلاثين عامًا، فلا شكّ إذن في كونها نسخة ثمينة جدَّا! ولكن لا أدري من أين جاء هذا الكاتب بعنوان "نهج العمل"، إذ لم أره عنوانًا لكتاب مطلقًا في كشف الظنون وذيله، فضلًا عن أن يكون عنوانًا لكتاب من كتب الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه. والجدير بالذكر أن في بداية بعض الكراريس تصريحًا بكونه "حادي عشر من طريق الهجرتين" مثلًا. وبعد، فإن الشواهد على نسبة الكتاب إلى ابن القيم كثيرة جدًّا ومتنوعة. ومن أبرزها: (1) أن المخطوطة التي اعتمدنا عليها في هذه الطبعة مسودة الكتاب بخط المؤلف. وفي صفحة العنوان كتب اسمه واسم الكتاب مصرّحًا بأنه من تأليفه، كما سيأتي في وصف المخطوطة.

الصفحة

11/ 91

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.

فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].

فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم

الصفحة

5/ 956

مرحبًا بك !
مرحبا بك !