
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والصفات. ولذلك كان أكملُ الخلق فيه أعرفَهم باللَّه وأسمائه وصفاته (1)، ولذلك (2) كان الاسم الدَّالّ على هذا المعنى هو اسم اللَّه جلَّ جلاله، فإنَّ هذا الاسم هو الجامع، ولهذا تضاف الأسماء الحسنى كلُّها إليه، فيقال: الرحمن الرحيم العزيز الغفار القهار من أسماء اللَّه، ولا يقال: "اللَّه" من أسماء الرحمن. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف/ 185].
فهذا المشهد تجتمع فيه المشاهدُ كلّها، وكلُّ مشهد سواه فإنَّما هو مشهدٌ لصفة من صفاته. فمن اتسع قلبه لمشهد الإلهيَّة، وقام بحقّه من التعبَّد الذي هو كمالُ الحبّ بكمالِ الذلّ والتعظيم والقيام بوظائف العبودية، فقد تمَّ له غناه بالإله الحقّ، وصار من أغنى العباد. ولسانُ حالِ مثلِ هذا يقول:
غنِيتُ بلا مالِ عن النَّاس كلِّهم ... وإنَّ الغنى العالي عن الشيء لا بِهِ (3)
فيا لَه من غنًى ما أعظم خطره، وأجلَّ قدره! تضاءَلتْ دونه الممالكُ فما دونها، فصارت بالنسبة إليه كالظلِّ من الحامل له، والطيف الموافي في المنام الذي يأتي به حديثُ النفس، ويطرده الانتباهُ من النوم.