
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الذين يسوّون [92/ب] بين أوليائه وأعدائه. قال اللَّه تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)} (1) [ص/ 28]. وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية/ 21]. وقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} [القلم/ 35 - 36]. فأنكر سبحانه على من سوَّى بين المسلمين والمجرمين (2) وبين المطيعين والمفسدين مع أنَّ الكلَّ تحت المراد الكوني والمشيئة العامَّة.
وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية -قدَّس اللَّه روحه (3) - يقول: قال لي بعض شيوخ هؤلاء: المحبَّة نار تحرق من القلب ما سوى مراد المحبوب، والكون كلّه مراده، فأيّ شيء أُبغِضُ منه؟ قال: فقلت له: فإذا كان المحبوب قد أبغضَ بعضَ ما في الكون، فأبغضَ قومًا ولعنَهم ومقَتَهم (4) وعاداهم؛ فأحببتَهم أنتَ وواليتَهم، تكون مواليًا للمحبوب موافقًا له، أو مخالفًا له معاديًا له؛ قال: فكأنَّما أُلقِمَ حَجرًا (5).
ويبلغ الجهل والكفر ببعض هؤلاء إلى حدّ بحيث إذا فعل محظورًا يزعم أنَّه مطيع للَّه فيه (6)، ويقول: أنا مطيع لإرادته، وينشد في ذلك: