
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
من البليَّات.
ولكن يُحمَد في الحزن سببُه ومصدرُه ولازمُه، لا لذاته. فإنَّ المؤمن إمَّا أن يحزنَ على تفريطه وتقصيره في خدمة ربه وعبوديته، وإمَّا أن يحزن على تورّطه في مخالفته ومعصيته وضياع أيامه وأوقاته. وهذا يدلُّ على صحّة الإيمان في قلبه وعلى حياته، حيث شعر (1) قلبُه بمثل هذا الألم، فحزن عليه. ولو كان قلبه ميّتًا لم يحسّ بذلك، ولم يحزن، ولم يتألَّم، فما لِجُرحٍ بميّتٍ إيلام (2). وكلَّما كان قلبُه أشدَّ حياةً كان شعوره بهذا الألم أقوى، ولكنَّ الحزن لا يجدي عليه، فإنَّه يُضعِفه، كما تقدّم. بل الذي ينفعه أن يستقبل السيرَ، ويجدّ، ويشمِّر، ويبذل جهده.
وهذا نظيرُ من انقطع عن رُفْقتِه في السفر، فجلس في الطريق حزينًا كئيبًا يشهد انقطاعَه وسبقَ رفقته، فقعودُه لا يجدي شيئًا. بل إذا عرف الطريق فالأولى له أن ينهض، ويجدّ في السير (3)، ويحدّث نفسَه باللَّحاق بالقوم. وكلَّما (4) فترَ وحزِن حدّث نفسَه باللحاق برفقته، ووعدها -إن صبرَتْ- أن تلحق بهم، وتزول عنها وحشةُ الانقطاع. فهكذا السالك إلى منازل الأبرار، وديار المقرَّبين.