طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

11915 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 91

تعالي: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق/ 3]. أي: كافيه. فجعل التوكّل سببًا للكفاية، فربط الكفاية بالتوكل كربط سائر الأسباب بمسبباتها، فكيف يقال: "إنَّ التوكّل عمًى عن الكفاية"؟ وهل التوكّل إلا محض العبودية التي جزاؤها الكفاية، وهي لا تحصل بدونه؟ بلى (1)، العلَّة هاهنا شهود حصولها بفعلك وتوكّلك، غيرَ ناظر إلى مسبِّب الأسباب الذي أجرى عليك هذا السببَ ليوصلك به إلى الكفاية. فأولُ الأمر وآخرُه منه، فهو المنعم بالسبب والمسبَّب جميعًا؛ ولكن لا يُوجب نظرُ العبد إلى المسبِّب المنعِم بالسبب (2) قطعَ نظره عن السبب والقَيامِ به، بل الواجبُ القيامُ بالأمرين معًا.

الوجه الثالث: أنَّ قوله: "إنَّه رجوع إلى الأسباب" إن أراد به (3) أنَّه رجوع إلى سبب ينقص العبودية ويُضعِف التوكّل، فليس كذلك؛ وظاهر أنَّ الأمر ليس كذلك. وإن أراد به أنَّه رجوع إلى سبب نصبَه اللَّه مقتضيًا للكفاية منه، ورتَّب عليه جزاءً لا يحصل بدونه، فهذا حقّ؛ ولكنَّ القيام بهذا السبب محض الكمال، ونفس العبودية. وهو كجعل الإسلام والإيمان والإحسان أسبابًا مقتضيةً للفلاح والسعادة، بل كجعل سائر أعمال القلوب والجوارح أسبابًا مقتضيةً لما رُتِّب عليها من الجزاءِ، وهل الكمال إلا القيام بهذه الأسباب؟ فالأسباب التي تكون مباشرتُها نقصًا هي الأسباب التي تُضعِف التوكّل، وأمَّا أن يكون التوكّل نفسُه ناقصًا لكون التحقّق به تحقّقًا بالسبب، فقلبٌ للحقائق!

الصفحة

563/ 956

مرحباً بك !
مرحبا بك !