
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
شاءَت، بصحةِ شهادة قيومية من له الخلقُ والأمرُ، وتفرّدِه بذلك دون ما سواه.
وهذا الأمر لا يُدْرَك بمجرَّد العلمِ، ولا يعرفه إلا من تحقَّق به، أو لاح له منه بارق. وربما ذَهَلَ صاحبُ هذا المشهد عن الشعور بوجوده لِغلبة شهود وجود القيوم عليه، فهناك يصحُّ من مثل هذا العبد الاضطرار إلى الحي القيوم، ويشهد (1) في كل ذرَّة من ذرَّاته الظاهرة والباطنة فقرًا تامًّا إليه، من جهة كونه ربًّا، ومن جهة كونه إلهًا معبودًا لا غنى له عنه، كما لا وجود له بغيره. فهذا هو الفقر الأعلى الذي دارت عليه رحى القوم، بل هو قطب تلك الرحى.
وإنَّما يصحّ له هذا بمعرفتين لا بد منهما: معرفة حقيقة الربوبية والإلهية، ومعرفة حقيقة النفس والعبودية، فهنالك تتم له معرفة هذا الفقر. فإن أعطى هاتين المعرفتين حقَّهما من العبودية اتَّصف بهذا الفقر حالًا، فما أغناهُ حينئذٍ من فقير! وما أعزَّه من ذليل! وما أقواهُ من ضعيف! وما آنسه من وحيد! فهو الغنيُّ بلا مال، القوي (2) بلا سلطان، العزيز بلا عشيرة، المكفيّ (3) بلا عتاد! قد قرَّت عينه باللَّه، فقرَّت به كلُّ عين؛ واستغنى باللَّه، فافتقر إليه الأغنياء والملوك.
ولا يتمُّ له ذلك إلا بالبراءة من فَرْث الجبر ودَمِهِ (4)، فإنَّه إن طرق بابَ الجبر انحلَّ عنه نظامُ العبودية، وخلع ربقةَ الإسلام من عنقه، وشهد