
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
المالك له. الرابع: ذلّ العاجز عن جميع مصالحه وحاجاته بين يدي القادر عليها، التي هي في يده وبأمره. وتحت هذا قسمان: أحدهما: ذلّه (1) في أن يجلب له ما ينفعه. والثاني: ذلّه (2) في أن يدفع عنه ما يضرّه على الدوام. ويدخل في هذا ذلّ المصائب كالفقر والمرض وأنواع البلاء والمحن. فهذه خمسة أنواع من الذل إذا وفَّاها العبد حقَّها، وشهدها كما ينبغي، وعرفَ ما يراد به منه، وقام بين يدي ربّه مستصحبًا لها شاهدًا لذلِّه من كل وجه ولعز (3) ربِّه وعظمته وجلاله، كانت قليلُ أعماله قائمةً (4) مقام الكثير من أعمال غيره.
قالوا: وهذه أسرارٌ لا تدرَك بمجرّد الكلام، فمن لا نصيب له منها فلا يضرّه أن يخلّي المطيَّ وحاديها، ويعطي القوسَ باريها.
فللكثافة أقوامٌ لها خُلِقوا ... وللمحبَّةِ أكبادٌ وأجفانُ
قالوا: وأيضًا فقد ثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "لَلَّهُ أشدُّ فرحًا بتوبةِ عبدِه من أحدكم أضلَّ راحلتَه" (5).
قالوا: وهذا أعظم ما يكون من الفرح وأكمله، فإنَّ صاحب هذه الراحلة كان عليها مادة حياته من الطعام والشراب، وهي مركبه الذي يقطع به مسافة سفره، فلو عَدِمَه لانقطع في طريقه، فكيف إذا عدم مع