
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
المشايخ فقال: أيها الشيخ بأيّ شيء تدفع إبليسَ إذا قصَدَك بالوسوسة؟ فقال الشيخ: إنِّي لا أعرف إبليسَ فأحتاج إلى دفعه، نحن قوم صَرَفْنَا هِمَمَنا إليه، فكفانا ما دونه. وكما قيل (1):
تستَّرتُ عن دهري بظلِّ جناحِه ... فعيني ترى دهري وليس يراني
فلو تسألُ الأيام ما اسميَ ما دَرَتْ ... وأين مكاني ما عَرَفْنَ مكاني" (2)
فيقال: الكلام على هذا من وجوه:
أحدها: أنَّ جعلَ الزهدِ للعوامِّ لما (3) ذكره إنَّما يتمّ إذا كان الزهد ملزومًا لمنازعة النفس ومجاذبتها لدواعي الشهوة والهوى، وحينئذٍ فيكون قلبه مشغولًا بتلك الدواير والجواذب، ونفسُه تطالبُه بها، وزهدُه يأمره باجتنابها. ولا ريبَ أنَّ فوق هذا مقامًا (4) أعلى منه، وهو طمأنينة نفسه وسكونها إلى محبوبها، وانجذابُ دواعيها إلى محابِّه ومرضاته؛ وهذا للخواصّ من المؤمنين، ولكن هذه المنازعة غير لازمة للزهد، وإن كان لا بُدَّ منها في حكم الطبيعة لتحقّق الابتلاءِ والامتحان، وليتحقّق (5) تركُ العبد حظه وهواه لربّه إيثارًا له على هواه ونفسه.
الثاني: أنَّه ولو كانت هذه المنازعة وحبس النفس عن الملذوذات من