
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والحب المقلق، فحبيبُه آخرُ خطراته عند منامه، وأوّلُها عند استيقاظه، كما قال بعض المحبّين لمحبوبته (1):
أآخرُ شيءٍ أنتِ في كلِّ هَجْعةٍ ... وأوَّلُ شيءٍ أنتِ عندَ هُبوبي؟ (2)
فقد أفصح هذا المحبُّ عن حقيقة المحبّة وشروطها. فإذا كان هذا في محبّة مخلوقٍ، فما الظنّ بمحبّة (3) المحبوب الأعلى؟ فأُفِّ لِقلبٍ لا يصلح لهذا ولا يصدّق به، لقد صُرِفَ عنه خيرُ الدنيا والآخرة!
فصل
فإذا استيقظ أحدهم، وقد بدر إلى قلبه هذا الشأن، فأوَّلُ ما يجري على لسانه ذكرُ محبوبه، والتوجّه إليه، واستعطافه، والتملق بين يديه، والاستعانة به أن يخلّي بينه وبين نفسه، وأن لا يكِلَه إليها، فيكلَه إلى ضَيْعةٍ (4) وعجز وذنب وخطيئة، بل يكلأَه كلاءَة الوليد الذي لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
فأوَّل ما يبدأ به قول (5): "الحمد للَّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشورُ" (6)، متدبِّرَا لمعناها من ذكرِ نعمةِ اللَّه عليه بأن أحياه بعد نومه