
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قاعدة [في الإنابة ودرجاتها]
كثيرًا ما يتكرَّر في القرآن ذكر الإنابة والأمر بها كقوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر/ 54]، وقوله حكايةً عن شعيب أنَّه قال: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود/ 88]، وقوله: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق/ 8]، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} [الرعد/ 27]، وقوله عن نبيِّه داود: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص/ 24].
فالإنابة (1): الرجوع إلى اللَّه، وانصراف دواعي القلب وجواذبه (2) إليه. وهي تتضمَّن المحبَّة والخشية (3)، فإنَّ المنيب محب لمن أناب إليه، خاضع له، خاشعٌ ذليلٌ (4).
والناسُ في إناباتهم (5) على درجات متفاوتة: فمنهم المنيب إلى اللَّه بالرجوع إليه من المخالفات والمعاصي. وهذه الإنابة مصدرها: مطالعة الوعيد، والحامل عليها: العلم، والخشية، والحذر.
ومنهم المنيب إليه بالدخول في أنواع العبادات والقربات، فهو ساعٍ فيها بجهده، وقد حُبِّبَ إليه فعلُ الطاعات وأنواع القربات. وهذه الإنابة