
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وُجِدَ منها وما (1) يوجَد هو حمدٌ يتضمن الثَّناءَ عليه بكماله القائم بذاته والمحاسن الظاهرة في مخلوقاته. وأمَّا ما لا وجود له فلا محامد فيه (2) ولا مذامّ، فجعلُ الحمدِ مالئًا له جعلُه مالئًا (3) لما لا حقيقة له.
وقد اختلف النَّاس في معنى كون حمده يملأ السماوات والأرض وما بينهما، فقالت طائفة: هذا (4) على جهة التمثيل، أي لو كان أجسامًا لملأ السماوات والأرضِ وما بينهما (5). قالوا: فإنَّ الحمد من قبيل المعاني والأعراض التي لا تُملأ بها الأجسام، ولا تُملأ الأجسام إلا بالأجسام.
والصواب أنَّه لا يحتاج إلى هذا التكلف البارد، فإنَّ ملء كل شيء يكون بحسب المالئ والمملوءِ، فإذا قيل: امتلأ الإناءُ ماءً، وامتلأت الجفنةُ طعامًا، فهذا الامتلاء نوع. وإذا قيل: امتلأت الدَّارُ رجالًا، وامتلأت المدينةُ خيلًا ورجالًا، فهذا نوع آخر. وإذا قيل: امتلأَ الكتابُ سطورًا، فهذا نوع آخر.
وإذا قيل: امتلأت مسامع الناس حمدًا أو ذمًّا لفلان، فهذا نوع آخر، كما في أثر معروف (6): "أهل الجنَّة من امتلأت مسامعه من ثناء الناس