
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
شئت". والعبد قد حمد حمدًا أخبر به، وأنشأه، (1) ووصفه بأنَّه يملأ ما خلقه الربُّ، وما يشاؤه (2) بعد ذلك.
وأيضًا فقوله: "وملء ما شئت من شيءٍ بعد" يقتضي إثباتَ مشيئة تتعلَّق بشيءٍ بعد ذلك. وعلى الوجه الثاني قد تتعلَّق المشيئة بملء المقدَّر، وقد لا تتعلَّق.
وأيضًا فإذا قيل: "ما شئتَ من شيء بعد ذلك" كان الحمد مالئًا لما هو موجود يشاؤه الربُّ دائمًا، ولا ريبَ أنَّ له الحمد دائمًا في الأُولى والآخرة. وأمَّا إذا قدّر ما يملؤه الحمد، وهو غير موجود، فالمقدَّرات لا حدَّ لها، وما من شيء منها إلا يمكن تقدير شيء بعده، وتقدير ما لا نهاية له، كتقدير الأعداد. ولو أُريد هذا المعنى لم يحتج إلى تعليقه بالمشيئة، بل قيل: "ملء ما لا يتناهى". فأَمَّا ما شاءه (3) الربّ تعالى فلا يكون إلا موجودًا مقدَّرًا، وإن كان لا آخرَ لنوع الحوادث وبقاءِ (4) ما يبقى منها، فهذا كلُّه ممَّا يشاؤه بعد.
وأيضًا فالحمدُ هو الإخبار بمحاسن المحمود على وجه الحب له، ومحاسنُ المحمود تعالى إمَّا قائمة بذاته، وإمَّا ظاهرة في مخلوقاته. فأمَّا المعدوم المحض الَّذي لم يخلق ولا خلق قط فذاك ليس فيه محاسن ولا غيرها، فلا محامد فيه البتة. فالحمدُ للَّه الَّذي يملأ المخلوقات ما