طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

11915 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 91

فالخلق فقير محتاج إلى ربه بالذَّات لا بعلَّة، وكلُّ ما يذكَرُ ويقدَّر (1) من أسباب الفقر والحاجة فهي أدلَّة على الفقر والحاجة، لا علل لذلك؛ إذ ما بالذات لا يعلَّل. فالفقير بذاته محتاج إلى الغني بذاته، فما يذكَر من إمكان وحدوث واحتياج فهي أدلَّةٌ على الفقر، لا أسبابٌ له.

ولهذا كان الصوابُ في مسألة علَّة احتياج العالم إلى الرب تعالى غيرَ القولين اللذين يذكرهما (2) الفلاسفة والمتكلمون، فإنَّ الفلاسفة قالوا: علَّة الحاجة الإمكان، والمتكلمون قالوا: علَّة الحاجة الحدوث. والصواب أنَّ الإمكان والحدوث متلازمان، وكلاهما دليل الحاجة والافتقار. وفقرُ العالم إلى اللَّه عزَّ وجلَّ أمرٌ ذاتي لا يعلَّل، فهو فقيرٌ بذاته إلى ربِّه الغني بذاته. ثمَّ يستدل بإمكانه وحدوثه وغير ذلك من الأدلَّة على هذا الفقر.

والمقصود أنَّه سبحانه أخبرَ عن حقيقة العباد وذواتهم بأنَّها فقيرة إليه عزَّ وجلّ، كما أخبر عن ذاته المقدَّسة وحقيقتِه أنَّه غنيٌّ حميد. فالفقرُ المطلقُ من كلِّ وجهٍ ثابتٌ لذواتهم وحقائقهم من حيث هي، والغنى المطلق من كل وجهٍ ثابتٌ لذاته تعالى وحقيقته من حيث هي. فيستحيل أن يكون العبدُ إلا فقيرًا، ويستحيل أن يكون الربُّ تعالى إلا غنيًّا، كما أنَّهُ يستحيل أن يكون العبدُ إلا عبدًا والربُّ إلا ربًّا.

إذا عُرِف هذا، فالفقرُ فقران: فقرُ اضطرارٍ (3)، وهو فقرٌ عامٌّ لا خروج لِبَرٍّ ولا فاجر عنه. وهذا الفقر لا يقتضي مدحًا ولا ذمًّا

الصفحة

13/ 956

مرحباً بك !
مرحبا بك !