شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

2566 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة التحقيق الحمد لله حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وصلاةً وسلامًا دائمين على سيد الخلائق، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. أما بعد، فهذه مَعْلمة كبرى في سادس أركان الإيمان، ومصنَّف حافل في أصل عظيم من أصول العقيدة: القضاء والقدر، جمع فيه مؤلفه شمس الدين ابن قيِّم الجوزية رحمه الله ما تناثر من مباحث الباب، فلملم عيون مطالبه، وحرّر ما أشكلَ مِن مسائله، وجلّى ما خفي من غوامضه، وأجاب عما أُورِد فيه من شبهات، واستفرغ فيه جهده بما عُهِد عنه من التحقيق وطول النّفَس في تحرير دقائق المباحث وعويص المسائل. ليجيء هذا السفر في ثلاثين بابًا، مشتملة على فصولٍ عديدة وأوجه ومقدمات، جامعة بين المنقول والمعقول، والبحث والتحرير، والمناقشة والترجيح، والمناظرة والتقرير، مشحونًا بالفوائد العزيزة، والاستطرادات النفيسة، على ما جرت به عادته رحمة الله عليه في عامة تواليفه. حتى أضحى الكتاب من أوسع المصنفات في موضوعه ـ إن لم يكن أوسعها ــ، وأغزرها مادة، وأجمعها موردًا، وأكثرها نفعًا، ليصبح مرجعًا أصيلًا لا غنى عنه للباحثين، ويكون شفاء للعليل، ورواء للغليل، وبلاغًا لأهل السنة والدليل، وفي كلٍّ خير. إن الكلام في مسائل القضاء والقدر مما نشأ مبكّرًا في التاريخ الإسلامي أواخر عصر الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يزل شرخ الخلاف يتسع في الأمة شيئًا فشيئًا، حتى تعددت فيه الآراء، واضطربت الأفهام، وزلّت

الصفحة

5/ 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في

الصفحة

3/ 490

مرحبا بك !
مرحبا بك !