
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
طبعات الكتاب
أولى طبعات "شفاء العليل" كانت قبل أزيد من قرن، وهي تلك التي اعتنى بها السيد محمد بدر الدين أبو فراس النعساني الحلبي (1) سنة (1323 هـ) بالمطبعة الحسينية على نفقة محمد أمين الخانجي وشركائه، في مجلد واحد.
أشار المصحح في آخر الكتاب (307) إلى الأصول الخطية التي اعتمد عليها في عمله، بقوله: "تم ولله الحمد طبع كتاب "شفاء العليل" ... وذلك بعد عناء تصحيح النصف الأول منه على نسخة وصلتنا من صاحب الفضيلة علامة العراق على الإطلاق آلوسي زاده السيد محمود شكري أفندي حفظه الله، مع مقابلة ذلك على النسخة المحفوظة بدار الكتب الخديوية بمصر، ومن ثم إلى آخر الكتاب على نسخة دار الكتب الخديوية فقط".
وهذان الأصلان تقدم وصفهما قريبًا، وبيان ما فيهما من خروم في أول الكتاب وآخره، ومن هنا وقع النقص في هذه الطبعة.
كما وقع أيضًا خلط في تعداد أبواب الكتاب ابتداء من الباب الثاني والعشرين (190)، إذ سقطت جملة بنهاية الباب الحادي والعشرين تسببت في اعتقاد سقوط الباب الثاني والعشرين، وهي قول المصنف: "وهذا الباب يتصل بـ الباب الثاني والعشرين في إثبات حكمة الربِّ تعالى في خلقه وأمره .. ما دلَّ عليه القرآن والسنة"، وموضعه في هذه الطبعة: "فصل الأصل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.
فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.
فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.
ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.
{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في