
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
استخدم الناسخ المداد الأسود في متن الكتاب، والأحمر في عناوين الأبواب والفصول ونحوها، خطها معتاد واضح في عامته، يغلب عليها الإهمال، التزم ناسخها تدوين التعقيبة، وتظهر فيها علامات المقابلة والتصحيح، ومع ذلك لم تسلم من الوهم والسقط.
وقد عاثت الرطوبة والأرضة فيها فسادًا، فأحدثت خرومًا كثيرة متفرقة متفاوتة المقدار، وربما ذهبت بثلث الورقة، كما تراه في الألواح (67، 68، 95 - 99) (1).
ولا نعلم عن تاريخ نسخها ولا اسم ناسخها شيئًا؛ لخرم آخرها كما تقدم، وإن كان مظهرها وخطّها يشير إلى أنها نسخة قديمة قريبة العهد من مؤلف الكتاب.
كما توجد عبارات متفرقة بخط الناسخ يظهر من خلالها أنها منقولة من أصل المصنف، أو من نسخة منقولة منه، كقوله في طرة (221/ب): "في أصل المصنف بياض بعد: لا تثاب ولا تعاقب"، وفي (241/أ): "في الأصل بياض".
وفي الحواشي تعليقات نادرة بخطوط مختلفة بعضها استدراكات وتعقبات ولطائف أثبتُّ النافع منها، وبعضها شتائم وردود من بعض مطالعي الكتاب من الأشاعرة، ومناقشات للمصنف في مسائل الكسب أغفلتها كاملة،
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.
فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.
فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.
ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.
{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في