
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وصف مخطوطات الكتاب
للكتاب خمس نسخ خطية في مكتبات العالم بحسب ما بلغه علمنا، يسّر الله تعالى الحصول على صور ثلاث منها، وهي الثلاث الأُول الآتي وصفها، وبقيت نسختان لم نتمكن من الحصول عليهما؛ لفقدان أصولهما من المكتبات التي تحتفظ بهما، وسنصفهما إجمالًا بالاعتماد على مَن وقف عليهما.
النسخة الأولى: نسخة جامع أبي العباس المرسي "م"
وهي محفوظة في مكتبة الجامع بالإسكندرية (المسمّاة بالمكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية) برقم (عام: 3614 - خاص: 317)، عدد أوراقها (261) (1)، ومسطرتها (23) سطرًا.
والنسخة مخرومة الآخر، سقط منها نحو (80) ورقة من المطبوع، تمثّل جُلّ الباب الثلاثين مع الخاتمة، كما فُقِدت من مصوّرتها الملوّنة التي بين يدي الأوراق (79، 117) بترقيم المفهرس، وبها عدة بياضات يسيرة في أماكن متفرقة.
يطالعنا على الغلاف اسم الكتاب واسم مؤلفه بالمداد الأحمر، وتحته وقفية غير مقروءة بالمداد الأسود، ودون ذلك بأسفل الصفحة ختم وزارة الأوقاف المصرية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.
فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.
فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.
ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.
{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في