شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

2597 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

سلف بيانه عند الحديث عن منهج الكتاب. أشار إلى ذلك حاجي خليفة في "كشف الظنون" (2/ 1051) بقوله: "بسط الكلام فيه كل البسط، وأطال كما هو دأبه". وقال محمد رشيد رضا "تفسير المنار" (8/ 54) في أثناء مناقشته لمذاهب الناس في القدر: "وأكبر أنصار مذهب السلف في القرون الوسطى وأقواهم حجة شيخا الإسلام أحمد تقي الدين ابن تيمية وشمس الدين محمد ابن قيِّم الجوزية، ومن أوسع كتب الأخير في هذا الموضوع الذي يخوض في أعضل مسائله كتاب "مفتاح دار السعادة" وكتاب "شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل"". وهذا الأمر أكّده المصنف عند إحالته للكتاب في "الفوائد" (36) بوصفه: "وقد استوفينا الكلام في هذا في كتابنا الكبير في القضاء والقدر". وحُقّ لصاحب هذه الموسوعة العقدية أن يفخر بها في ديباجة الكتاب: "فيا أيُّها المتأمل له، الواقف عليه، لك غُنمه وعلى مؤلِّفه غُرمه، ولك فائدته وعليه عائدته، فلا تعجل بإنكار ما لم يتقدم لك أسباب معرفته، ولا يحملنّك شَنَآن مؤلفه وأصحابه على أن تُحرم ما فيه من الفوائد التي لعلك لا تظفر بها في كتاب، ولعل أكثر من تعظّمه ماتوا بحسرتها، ولم يصلوا إلى معرفتها، والله يقسم فضله بين خلقه بعلمه وحكمته، وهو العليم الحكيم، والفضل بيد الله يؤتيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم". * * *

الصفحة

24/ 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في

الصفحة

3/ 490

مرحبا بك !
مرحبا بك !