شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

2646 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

كتابنا هذا فقد أفرد بابين للمناظرة، أحدهما بين جَبْري وسُنّي، والآخر بين قَدَري وسُنّي. ثم إن المصنف على ما جرت به عادته قد يستطرد في فروع بعض المباحث وذيولها لأغراض مختلفة، كزيادة في التقرير، أو توسّع في التمثيل، ونحو ذلك. وقريب من هذه السمة في صناعة التأليف لدى ابن قيم الجوزية رحمة الله عليه حرصه الشديد على الإحاطة بفروع المسائل، وعنايته البالغة باستيعاب النصوص والأقوال، وإطالة النفس في اشتقاق الأوجه، وتشقيق المجملات، وتفتيق الأجوبة، وتفتيت الشبهات، ولذا وقع التكرار في معالجة بعض مسائل الكتاب. وهذه السمة الموسوعية قد ألمح إليها ابن حجر في "الدرر الكامنة" (3/ 402) بقوله: "وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف، وهو طويل النفس فيها، يتعانى الإيضاح جهده فيسهب جدًّا". ولأن مقام الربوية عظيم، والمتجرّئون في الكلام عليه كثير، والمتقحّمون في مسائله قد يغفلون عمّن يتحدثون، فربما استطالوا في التعبير، فافترضوا عليه الواجبات واللوازم والممتنعات، وأساؤوا الأدب مع الجبار القدير جل جلاله= من هنا ظهرت عناية المصنف رحمه الله في عدة مواضع بالتذكير بعظمة صاحب المقام، واستحضار قدسيته وجلاله، والالتفات إلى تعظيمه في النفوس، تبارك اسمه، وتقدّست أسماؤه. * * * *

الصفحة

22/ 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في

الصفحة

3/ 490

مرحبا بك !
مرحبا بك !