شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

5888 6

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

ومن سمات منهجه في هذا الكتاب ونظائره: استناده في حكاية أقوال الفرق وأرباب الطوائف على أصولهم المعتمدة مباشرة، قطعًا لدعوى التحريف والتصرّف في نصوص المخالفين، وكذلك الشأن في الإفادة من كتب الكلام دون واسطة في مواضع الحجاج واللجاج، وسيأتي تفصيل بعضه عند الحديث عن موارد الكتاب. ومما يحسن ذكره هنا مقدرة المؤلف على توظيف الخلاف داخل المذهب الواحد، وإظهار اضطراب أصحابه، وعجز أتباعه؛ ليبين عواره وانحرافه، ويضرب حُجَجَهم بحُجَجِهم، ويبطل كلام المتكلمين بكلام المتكلمين. ومن تلك المعالم البارزة: مراعاته لجنس الدليل في مقام الاحتجاج، ففي تأصيل القواعد يصدر عن الوحيين، وفي مواطن الجدال يقارع الحجة العقلية بمثلها، ويدفع الشبهة اللفظية بالمأثور من كلام الفصحاء وقريض الشعراء، وهكذا دواليك. أما الإفادة من كتب شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية والاقتباس منها والاتّكاء عليها في المهمات والمعضلات العلمية فكثير، كما هو معهود عنه في سائر كتبه. وربما استعان المؤلف في تقرير بعض المباحث والغوص في أعماقها والكشف عن مكنوناتها بأسلوب المناظرة، وهي طريق سلكها المصنف في بعض كتبه، فمنه ما في "أعلام الموقعين" (3/ 470) حيث عقد مجلس مناظرة بين مقلِّد وصاحبِ حُجة، وفي "روضة المحبين" (167) أفرد بابًا في مناظرة بين القلب والعين ولوم كل منهما صاحبه والحكم بينهما، أما في

الصفحة

21/ 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في

الصفحة

3/ 490

مرحباً بك !
مرحبا بك !