شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

5888 6

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وخصص الآخر لاستيفاء شُبَه النافين، وذِكْر الأجوبة عنها في عدة فصول وعشرات الأوجه، وحسبك أنه أجاب عن الحكمة في خلق الكفر والفسوق ونحوها من الشرور في أربعين وجهًا، ضمّن أحدها ما في الصلاة من حِكَم العبودية ومنازلها، وأورد في آخرَ شيئًا من أسرار الكون وغايات خلقه في المجرات والأفلاك، وعقد فصلًا مطوّلًا في المسألة الشهيرة: فناء الجنة والنار. وهذا الباب الثالث والعشرون يعد أطول أبواب الكتاب، وقد استغرق نحوًا من مائة وثمانين صفحة من المطبوع. وفي الباب الرابع والعشرين ــ وهو من أوجز الأبواب ــ بحث معنى قول السلف: "من أصول الإيمان: الإيمان بالقدر خيره وشرّه، حلوه ومرّه"، وجُلّ مسائله مما تقدمت مناقشته في الباب السابق. وقريب منه في الإيجاز الباب الذي يليه: في امتناع إطلاق القول نفيًا وإثباتًا: "إن الربّ تعالى مريد للشرّ وفاعل له"، حيث أعاد المؤلف كثيرًا مما تقدم بسطه في الكتاب، كالكلام على المحبة والإرادة وأنواعهما. وكذلك أوجز الحديث في البابين السادس والعشرين والسابع والعشرين، فشَرَح في الأول منهما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك"، وفي الثاني قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك"، وذَكَر ما تضمّنه كل منهما من قواعد وفوائد ولطائف. أما البابان: الثامن والعشرون والتاسع والعشرون فقد عرض فيهما المصنف أحكام الرضا بالقضاء، واختلاف الناس في ذلك، وتحقيق القول فيه، وانقسام القضاء والحكم ونحوهما إلى كوني وديني، دون إسهاب.

الصفحة

18/ 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في

الصفحة

3/ 490

مرحباً بك !
مرحبا بك !