شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

5992 6

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وأما الباب الثاني عشر في المرتبة الثالثة من مراتب القضاء والقدر ــ وهي مرتبة المشيئة والإرادة ــ فقد حشد فيه رحمة الله عليه ما أمكنه من الآيات والأحاديث الدالة على هذه المرتبة بأصنافها وألفاظها، ثم عقد فصلًا بحث فيه علاقة المشيئة والإرادة بمحبة الله وأوامره. وختم تلك المراتب في الباب الثالث عشر بذكر مرتبة خلق الله سبحانه الأعمال وتكوينه وإيجاده لها، وأطال النفس في تفنيد بعض أصول الأشاعرة وغيرهم في مسائل الجبر وتأثير القدرة وفروعها، والخلق والاختراع وذيولها، وبيان هدي القرآن والسنة فيها، وإيضاح سبيل المؤمنين، وقاده المقام للغوص في أسرار سورة الفاتحة المتعلقة بهذه المسائل العقدية. ثم استكمل في الباب الرابع عشر مباحث الهدى والضلال ومراتبهما، وهذا الباب وصفه المصنّف بقوله: "هو قلب أبواب القدر ومسائله"، وعرض فيه مراتب الهدى والضلال في القرآن، كل مرتبة منها في فصل مستقلّ أشبع فيه الحديث حولها، واستطرد طويلًا في مرتبة التقدير والهداية بذكر نماذج من هداية الله تعالى لبعض المخلوقات كالنحلة والنملة والهدهد وغيرها، ثم استطرد مرة أخرى في المرتبة الثالثة من الهداية: هداية التوفيق والإلهام في توضيح جناية التأويل الفاسد على نصوص الوحيين لدى القدرية والجبرية. وجمع المؤلف في الباب الخامس عشر الآيات الواردة في الطبع والختم والقفل ونحوها على وجه التفصيل، ثم ذكر أوجه ضلال القدرية والجبرية في تحريف هذه الآيات، وأطال النفس في الرد عليها آية آية، وهذا من أطول أبواب الكتاب.

الصفحة

16/ 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في

الصفحة

3/ 490

مرحباً بك !
مرحبا بك !