شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

5989 6

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وقام بين ذلك بإفراد الباب الثالث في ذكر مرويات المحاجّة المشهورة في القدَر بين آدم وموسى عليهما السلام، وبيان اختلاف الناس في فهم الحديث وأوجه تفسيره، واستطرد في الدفاع عن صاحب "منازل السائرين" في كلام له موهِمٍ لباطل. وفي الباب السابع ناقش المصنف أنّ سبق المقادير بالشقاوة والسعادة لا يقتضي ترك الأعمال، بل يقتضي الاجتهاد والحرص. ودار الكلام في الباب الثامن حول تفسير قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]، وفي التاسع حول قوله سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وما يتعلق بهما من فوائد واستنباطات. ثم أعاد الحديث مرة أخرى في الأبواب: العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، في مراتب القضاء والقدر، واستقصاء ما جاء فيها من حجج نقلية ــ لم يسبق له إيرادها فيما تقدم من أبواب ــ وبراهين عقلية، وأرخى للقلم العنان في البحث والمناقشة. ففي العاشر بسط النقاش في المرتبة الأولى: علم الرب سبحانه بالأشياء قبل كونها، والمرويات في ذلك، ولم يخل من استطراد في رد بعض شبه القدرية، والحديث عن حكمة الله سبحانه ومظاهر لطفه وفوائد وثمرات ابتلائه أحباءه. وفي الباب الذي يليه ساق بعض ما فاته من نصوص القرآن والسنة الصحيحة الصريحة في المرتبة الثانية وهي مرتبة الكتابة.

الصفحة

15/ 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [الرحمن:29]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على (1) الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات (2)، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في

الصفحة

3/ 490

مرحباً بك !
مرحبا بك !